والفريق الآخر وهم أكثر العلماء يقولون: إن لهذه الحروف معنى، وهذا المعنى اختلفوا فيه اختلافاً كثيراً، ولم يجمعوا فيه عَلَى قول كما نقل ذلك الحافظ
ابن كثير رَحِمَهُ اللَّهُ، ولو ورد ذلك لألزم به الباقون.
إن هذه أسماء للسور، فـ"الم" كأنه اسم للسورة، ومنهم من قَالَ: إن هذه أسماء للقرآن، ومنهم من قَالَ: إنها فواتح يفتتح الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى بها القرآن، ومنهم من قَالَ: هي حروف من حروف المعجم ذكرها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في أول القرآن، أو في أول الآيات، لينبه إِلَى أن القُرْآن مركب من هذه الحروف التي هي حروف المعجم، ومنهم من قَالَ: إن هذه أسماء من أسماء الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى.
حتى ورد عن بعض السلف أنه قَالَ: آلم، اسم الله الأعظم، وورد عن بعضهم الألف إشارة إِلَى الله، واللام إِلَى اللطيف، والميم إِلَى المجيد، وأمثال ذلك، والأقوال في المسألة اجتهادية، وللإنسان أن يختار ويرجح القول الذي يراه،
لكن لو تأملنا الحكمة التي ذكرها العلماء.
هذه الحكمة تدلنا عَلَى المعنى الصحيح -إن شاء الله- كما ذكرها الحافظ ابن كثير -رَحِمَهُ اللَّهُ- واختارها وهي أنها بيان إعجاز القرآن، وبعضهم قَالَ: المقصود منها إثارة الْمُشْرِكِينَ؛ لأنهم يسمعون كلمات غريبة جديدة عَلَى أسماعهم فيصغون ويلقون السمع للقرآن، لكن مما هو معلوم أن في القُرْآن كثير من هذه الحروف المقطعة، كما في البقرة، وآل عمران، وغيرها من السور التي نزلت في المدينة، وهذا مما يضعف هذا القول كقولٍ من الأقوال.